طالب قصَّر ولم يدرس ، فلما رسب قال : هكذا يريد الله ، حسبي الله ونعم الوكيل ، هذا كلام دجل ، هذه كلمة حق أريد بها باطل ، لا تُقبَل منك كلمة حسبي الله ونعم الوكيل قبل أن تأخذ بالأسباب ، وقبل أن تستنفذ الأسباب أنت بادئ ذي بدء عليك أن تأخذ بالأسباب ، عليك بالكيس ؛ أن تدبِّر، أن تفكر ، أن تخطط ، أن تسعى ، أن تسأل ، أن تكتب ، أن تعترض ، أن توسِّط . كل هذا من قضاء الله وقدره ، قال له : ((إِنَّ اللَّهَ يَلُومُ عَلَى الْعَجْزِ وَلَكِنْ عَلَيْكَ بِالْكَيْسِ)) ، إذا خطَّطتَ ، ودبرت ، وتوسَّطت ، وسألت ، وكتبت ، واعترضت ، وشكوت ، وبعد كل هذا لم تُفلح ، هذه مشيئة الله ، إذاً حسبي الله ونعم الوكيل ، متى يمكن أن تقول : حسبي الله ونعم الوكيل ؟ بعد أن تستنفذ الأسباب ، والله جلَّ جلاله لا يقبل منك أن تقول : حسبي الله ونعم والوكيل قبل أن تأخذ بالأسباب .
نبيٌ كريم معه رسالة ، معه وحي ، معه معجزات ، ظل يدعو في بدر حتى وقع رداءه ، إلى أن قال له سيدنا الصديق : " يا رسول الله بعض مناشدتك ربك إن الله ناصرك " ، لماذا كان يدعو بلهفة ؟ يخاف أن يكون هناك تقصيرٌ في الأخذ بالأسباب .
لذلك فالمؤمن الصادق يستجمع كل الوسائل ، وكل الأسباب ، ولا يعتمد عليها ، إذا استطعت أن تكون في هذا المستوى فقد أفلحت ورب الكعبة ، ادرس الأمر ، فلو أنّ إنسانًا توقَّفت مركبته في الطريق ، ثم نزل من المركبة : يا رب أنقذنا ، واكتفى بالدعاء ، فلن يصل إلى نتيجة ، ولكن افتح غطاء المحرِّك ، وابحث عن السبب المادي أولاً ، واطلب من الله التوفيق، فالحركة نحو تحقيق الهدف بالوسائل الواقعية هو الأمرُ المطلوب.
من شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم :للدكتور النابلسي